الحمد لله المستحق لغاية المحامد نحمده على عظيم احسانه واكرامه لنا بشامل النعم التي تعمنا والتي أعظمها هي شرف الرسالة والتكليف والصلاة والسلام على أشرف الخلق عبدالله ورسوله المصطفى الأمين محمد بن عبدالله الهادي البشير النذير وعلى آل بيته الطيبين وعلى الصحب الميامين ومن اهتدى بهديهم الى يوم الدين
هذِهِ المدونة، نهجتُ فيْهَا سبيْلَ الإيْجَاز والإختصَار، ,غايَتي مِن ذلِك توصيل المعلومة للمسلم باقصر الطرق؛ وألحقتُ بذلك الادلة والشواهد من الكتاب والسنة المطهرة، وأثر الصحابة رضوان الله عليهم، وذكرتُ ائمة وفقهاء المذاهب الاربعة في منهج الاستدلال لديهم جمعا بين النصوص او الترجيح بينها وركزت على مواضع الخلاف بين المذاهب الاربعة وحرصت على منهجيه فيها مخالفا الاجماع ....
سائلاً اللهَ عزَّوجل الإعَانَة ، واللطف في الأمر كلِّهِ ، وأنْ يَجعلَ مَا اكتبُهُ خالصَاً لوجههِ الكريْم ....وان يختم لي بالصالحات وحسن المآب معافاً في ديني وسالما في معتقدي

أدوات الشرط -جازمة وغير جازمة


بقلم : د.زياد حبوب أبو رجائي
زياد أبو رجائي
أدوات الشرط غير الجازمة: ( إذا، ولو، ولولا، ولوما )، من خصائصها :
1- لا تؤثر في الفعل
2-لا تؤثر في جواب الشرط
3-جملة جواب الشرط غير الجازم ليس لها محل من الإعراب
نحو : ( إذا جاء محمدٌ جئتُكَ )، فجملة ( جئتُكَ ) ليس لها محل من الإعراب؛ لأنها جواب لشرط غير جازم.
إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه ومعنى ذلك أن جملة فعل الشرط محل جر بإضافة إذا إليها ، والعامل في إذا النصب هو الجواب. والمحققون على أن ناصب إذا شرطها، والأكثرون أنه ما في جوابها من فعل أوشبهة.
تختص إذا بدخولها على المتيقن والمظنون والكثير الوقوع.
و« إذا » الشرطية غير جازمة بخلاف « إذا » الفجائية فهي جازمة.
والقاعدة عند البصريين (1) أن : إذا الشرطية تضاف إلى جملة فعلية ، بخلاف الكوفيين (2)فإنهم نحو الجواز في ذلك على اعتبار ان الاسم المرفوع بعد أداة الشرط إذا : مرفوع على الابتداء ومناصر مذهب الكوفيين هو أبو الحسن الأخفش .
نحو :
[ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ] {البقرة:156}
فتامل كيف اتخذت الجملة معنى أفاد المستقبل بدخول أداة الشرط « إذا »
« أصابتهم مصيبة » : جملة في محل جر وذلك لدخول إذا إليها
« قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون »: جواب الشرط في محل نصب »
وإذا أداة ظرف يستدعي متعلَّقاً ، فلها من البلاغة نصيب ، لأن في استعمالها في بداية الجملة أسلوباُ مشوقاً ، يؤذن بذكر جَواب بعده ، فإذا سمعه السامع ترقب ما سيأتي بعده فعند سماعه يتمكن من نفسه كمال تمكّن . نحو قوله تعالى :
[وَإِذَا الوُحُوشُ حُشِرَتْ] {التَّكوير:5}
ويجدر التنبيه لهذا المثال في الآية الكريمة السابقة كما هي الحال في كثير من آيات الكتاب الكريم ، بمجيء اسم مرفوع بعد إذا التي تختص فقط باضافتها إلى جملة فعلية كما ذكرت سابقا ، لذلك فإن مذهب النحاة هو: تأويل ذلك بحذف الفعل المقدر الذي يفسره الذي بعده ، فعلى هذا فالآية عندهم تقديرها : وإذا حشرت الوحوش حشرت ، وناصر هذا المذهب ابن مالك في ألفيته و الزجاج وابن الانباري، ومن المفسرين : الفخر الرازي والسيوطي والقرطبي والألوسي، حتى أن الأنباري قد اتهم رأي الاخفش بالفساد .
والحق أن هذا المذهب قد أسند المبتدأ للاسم بعد إذا انطلاقاً أن إذا المضافة إلى اسم مرفوع بعيدة من معنى الشرط المتقاضي بالفعل (3)
وعليه يكون اعراب الاسم بعد إذا
مذهب البصريين : فاعل مرفوع لفعل محذوف
مذهب الكوفيين : مبتدأ مرفوع
بخلاف إذا الفجائية فهي جازمة
إن : أداة شرط جازمة تستعمل في المشكوك والموهوب والنادر، ولهذا قال تعالى - إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا - ثم قال: وإن كنتم جنباً فاطهروا - فأتى بإذا في الوضوء لتكرره وكثرة أسبابه، وبأن في الجنابة لندرة وقوعها بالنسبة إلى الحدث،.
لو : حرف امتناع لامتناع ومعنى هذا أنه امتنع الجواب لامتناع الشرط نحو: لو اجتهدت لنجحت.
[ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ] {الأنعام:8}
والضمير عائد إلى الذين كفروا وإن كان قاله بعضهم ، لأنّ الجميع قائلون بقوله : وموافقون عليه ، فتامل استعمال الأداة « لو » لها خصيصة امتناع ذلك الحدث وهو انزال ملك من السماء مع النبي لأن ذلك يستلزم هلاكهم بدلالة القرينة قضي الأمر أي امرهم ، أي لقضي أمر عذابهم الذي يتهدَّدهم به ، وهذا ما لا يريده الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم رحمة منه في بني آدم ، وهذا مصداقاُ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم لما طلب منه جبريل بعد رحلته من الطائف ان يامر ملك الجبال ان يطبق عليهم الأخشبين أي الجبلين قال : « بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا ». متفق عليه .
فمشركو مكة لمّا سألوا النبي أن يريهم ملكاً معه ظنّوا مقترحهم تعجيزاً ، فأنبأهم الله تعالى بأنّهم اقترحوا أمراً لو أجيبوا إليه لكان سبباً في مناجزة هلاكهم الذي أمهلهم إليه فيه رحمة منه . وهذا سنة الله في الكفار أنهم متى اقترحوا آية فأنزلت ثم لم يؤمنوا استؤصلوا بالعذاب، { ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ } أي: لا يؤجلون ولا يمهلون، وقال قتادة: لو أنزلنا ملكا ثم لم يؤمنوا لعُجّل لهم العذاب ولم يؤخروا طرفة عين، وقال مجاهد: لقضي الأمر أي لقامت القيامة، وقال الضحاك: لو أتاهم ملك فى صورته لماتوا.
لولا : حرف امتناع لوجود ومعنى هذا أن الجواب امتنع لوجود الشرط نحو: لولا الله لهلكنا.لولا : لها معنى للتحضيض . والتحضيض مستعمل في التعجيز أي في الامتناع نحو قوله تعالى :
[وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ....] {الأنعام:8} فالجواب امتنع وتقديره هنا آمنا بك أيها الرسول ، وهو بيان شدةِ المكابرة والأقاويل الباطلةِ إثْرَ بيانِ إعراضِهم عن آياتِ الله تعالى وتكذيبِهم بالحق
وتشابهها أداة « لوما » في معنى التحضيض نحو قوله تعالى :
[لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ] {الحجر:7}
أمَّا ـ حرف شرط وتفصيل وتلزم الفاء جوابه. نخو قوله تعالى :
[أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ المَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] {السجدة:19}
ان يكون الشرط والجواب ماضيين :
1- كلَّما ـ أداة شرط وتكرار
ويشترط في شرطها وجوابها أن يكونا ماضيين وهي منصوبة على الظرفية ومتعلقة بجوابها نحو: كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله .
2- لمَّا : حينيه في محل نصب على الظرف وهي متعلقة بجوابها
ويشترط في شرطها وجوابها أن يكونا ماضيين نحو: فلما رأينه أكبرنه.

(1) المشكل (2/792) والانصاف لابن الأنباري (2/616)
(2) أحد قولي الكوفيين ، لأن ابن هشام في المغني قد نسب لهم موافقتهم البصريين في إضمار الفعل بعد إذا
(3) إملاء ما من به الرحمن للعكبري (2/278)