الحمد لله المستحق لغاية المحامد نحمده على عظيم احسانه واكرامه لنا بشامل النعم التي تعمنا والتي أعظمها هي شرف الرسالة والتكليف والصلاة والسلام على أشرف الخلق عبدالله ورسوله المصطفى الأمين محمد بن عبدالله الهادي البشير النذير وعلى آل بيته الطيبين وعلى الصحب الميامين ومن اهتدى بهديهم الى يوم الدين
هذِهِ المدونة، نهجتُ فيْهَا سبيْلَ الإيْجَاز والإختصَار، ,غايَتي مِن ذلِك توصيل المعلومة للمسلم باقصر الطرق؛ وألحقتُ بذلك الادلة والشواهد من الكتاب والسنة المطهرة، وأثر الصحابة رضوان الله عليهم، وذكرتُ ائمة وفقهاء المذاهب الاربعة في منهج الاستدلال لديهم جمعا بين النصوص او الترجيح بينها وركزت على مواضع الخلاف بين المذاهب الاربعة وحرصت على منهجيه فيها مخالفا الاجماع ....
سائلاً اللهَ عزَّوجل الإعَانَة ، واللطف في الأمر كلِّهِ ، وأنْ يَجعلَ مَا اكتبُهُ خالصَاً لوجههِ الكريْم ....وان يختم لي بالصالحات وحسن المآب معافاً في ديني وسالما في معتقدي

صيغ العموم


بقلم : د.زياد حبوب أبو رجائي
زياد أبو رجائي
صيغ العموم
1- لام التعريف الجنسية وتفيد الإستغراق لعموم الجنس ويتناول جميع أفراده على سبيل الشمول وذلك:
لأنه يصدق على جميع أفراده التي تشاركه في المعنى .
كقوله تعالى : [وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآَتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا] {النساء:33}
اللام في كل من « الوالدان » « الأقربون »
ويصح تقوية الجمع المعرف بلام الجنس بمؤكد لفظي أو معنوي نحو قولنا : قرأت البحوث كلها.
وقد تخرج لام الجنس عن العموم بوجود قرينة قوية هي التي تصرف المعنى الحقيقي عن مراده إلى معنى آخر
نحو قول رسول الله :
« عن حماد بن سلمة عن ثابت عنه : « أن نفرا من أصحاب ( صلى الله عليه وسلم ) سألوا أزواج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن عمله في السر فقال بعضهم : لا أتزوج النساء وقال بعضهم : لا آكل اللحم وقال بعضهم : لا أنام على فراش وقال بعضهم : أصوم ولا أفطر ( فبلغ ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ما بال أقوام قالوا : كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني » .([1]) »
« النساء » :فلفظة النساء وإن كان دخل عليها لام الجنس التي تفيد العموم إلا أنها خرجت من ذلك العموم بوجود قرينة صرفته إلى البعض، وهي تحديد الشرع بالزواج من أربعة نساء كحد شرعي ، وهنا تحمل القرينة على النية فيما إذا صرفت للأدنى وهو الزواج من واحدة أو أربعة ، والحديث الشريف مثالنا ، يفهم منه انصراف النية إلى عدم الزواج كلياً ، أي: بواحدة . فصرفت بذلك صيغة العموم إلى الحد الأدنى بالنية.
« اللحم »: خرجت من العموم وذلك لتحريم لحم الخنزير.
2- المعرف بالإضافة
نحو قوله تعالى : [وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ] {النحل:18}
نعمة الله : بإضافة التنكير إلى لفظ الجلالة أطلقتها إلى العموم.
3- اللفظ المفرد الذي يتناول في معناه العموم دون صيغته.
نحو : « قوم» مفرد وجمعها أقوام ، وهي تحمل في معناها العموم إلا أن صيغتها تصرفها عن ذلك العموم لأن قوم : اسم لجماعة من الرجال دون النساء
4- ألفاظ التأكيد : وهي صيغ تفيد العموم بالمعنى دون الصيغة ، فقد تقيد الصيغة بدلالة السياق.مثال :« كل ، جميع » :
لكل واحد جائزة : يفيد العموم بأن الجائزة لكل واحد بخلاف قولنا :
لكما جائزة : فإن الجائزة الواحدة ستقسم على الاثنين
وقوله تعالى : [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا] {آل عمران:103}
5- الأسماء الموصولة :
[الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ] {البقرة:275} ، فلفظ الذين يشمل كل آكل ربا فدل ذلك على عموم شموله لكل من يتصف بها.
6- أسماء الشرط : وهي الأدوات من ، ما ، أي ، أين
نحو قوله تعالى : [أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ المَوْتُ] {النساء:78}
[ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى] {الإسراء:110}
7- أسماء الاستفهام :
[مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ] {البقرة:214}
8- النكرة الواقعة في سياق النفي أو النهي :
[وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ] {التوبة:84}
«أحد» : نكرة أفادت العموم لوقوعها في سياق النهي ، فقد نهى عن الصلاة على أي واحد من المنافقين لذلك فهي تشمل عموم المنافقين
[وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى] {الليل:19}
« أحد » : نكرة وقعت في سياق النفي فصرفتها إلى العموم.
القوة الدلالية لصيغ العموم :
اختلف علماء اللغة فيما يحمل قوة العموم على غيره من الصيغ السابقة على أقوال :
1- أسماء الشرط والنكرة المنفية
الشاهد : أن الصيغ وضعت أصلا للعموم
2- أسماء الشرط والاستفهام ثم النكرة المنفية
3- ألفاظ الجمع
4- صيغة التأكيد : «كل» : هي أقوى في الدلالة على العموم لأنها تدخل على المؤنث والمذكر وتشمل المفرد والمثنى والجمع



[1] ) أخرجه مسلم ( 4 / 129 ) والنسائي ( 2 / 70 ) والبيهقي وأحمد ( 3 / 241 و 259 و 285 ) وابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 2 / 95 )