زياد أبو رجائي
معاني الهمزة
قد تخرج عن الاستفهام الحقيقي فترد لثمانية معان
1- التسوية
وربما توهم أن المراد بها الهمزة الواقعة بعد كلمة سواء بخصوصها
وليس كذلك بل كما تقع بعدها تقع بعد ما أبالي وما أدري وليت شعري ونحوهن والضابط
أنها الهمزة الداخلة على جملة يصح حلول المصدر محلها نحو ( سواء عليهم أستغفرت لهم
أم لم تستغفر لهم ) ونحو ما أبالي أقمت أم قعدت ألا ترى أنه يصح سواء عليهم
الاستغفار وعدمه وما أبالي بقيامك وعدمه .
2- الإنكار الإبطالي
وهذه تقتضي أن ما بعدها غير واقع وان مدعيه كاذب نحو
( أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا ) فاستفتهم ألربك
البنات ولهم البنون ) ( أفسحر هذا ) ( أشهدوا خلقهم ) ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم
أخيه ميتا ) ( أفعيينا بالخلق الأول ) ومن جهة إفادة هذه الهمزة نفي ما بعدها لزم
ثبوته إن كان منفيا لأن نفي النفي إثبات ومنه ( أليس الله بكاف عبده ) أي الله كاف
عبده ولهذا عطف ( ووضعنا ) على ( ألم نشرح لك صدرك ) لما كان معناه شرحنا ومثله (
ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ) ( ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا
أبابيل ) ولهذا أيضا كان قول جرير في عبد الملك
( ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح )
مدحا بل قيل إنه أمدح بيت قالته العرب ولو كان على الاستفهام
الحقيقي لم يكن مدحا البتة
3 - الإنكار التوبيخي
فيقتضي أن ما بعدها واقع وأن فاعله ملوم نحو ( أتعبدون ما تنحتون )
( أغير الله تدعون ) ( أئفكا آلهة دون الله تريدون )
( أتأتون الذكران ) ( أتأخذونه بهتانا )
4 - التقرير
ومعناه حملك المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده
ثبوته أو نفيه ويجب أن يليها الشيء الذي تقرره به تقول في التقرير بالفعل أضربت
زيدا وبالفاعل أأنت ضربت زيدا وبالمفعول أزيدا ضربت كما يجب ذلك في المستفهم عنه
وقوله تعالى ( أأنت فعلت هذا ) محتمل لإرادة الاستفهام الحقيقي بأن يكونوا لم
يعلموا أنه الفاعل ولإرادة التقرير بأن يكونوا قد علموا ولا يكون استفهاما عن الفعل
ولا تقريرا به لأن الهمزة لم تدخل عليه ولأنه عليه الصلاة والسلام قد أجابهم
بالفاعل بقوله ( بل فعله كبيرهم هذا )
فإن قلت ما وجه حمل الزمخشري الهمزة في قوله تعالى ( ألم تعلم أن
الله على كل شيء قدير ) على التقرير
قلت قد اعتذر عنه بأن مراده التقرير بما بعد النفي لا التقرير
بالنفي
والأولى أن تحمل الآية على الإنكار التوبيخي أو الإبطالي أم أي تعلم
أيها المنكر للنسخ
5- التهكم
نحو ( أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا )
6 - الأمر نحو ( أأسلمتم ) أي أسلموا
7 - التعجب نحو ( ألم تر إلى ربك كيف مد الظل )
8 - الاستبطاء نحو ( ألم يأن للذين آمنوا )
الهمزة تأتي على وجهين.
أحدهما: الاستفهام، وحقيقته طلب الإفهام، وهي أصل أدواته ومن ثم اختصت بأمور.
أحدها: جواز حذفها.
ثانيها: أنها ترد لطلب التصور والتصديق، بخلاف هل، فإنها لتصديق خاصة، وسائر
الأدوات للتصور خاصة.
ثالثها: أنها تدخل على الإثبات نحو أكان للناس عجباً. –
وعلى
النفي نحو ألم نشرح - وتفيد حينئذ معنيين:
أحدهما
التذكير والتنبيه كالمثال المذكور، وكقوله ألم تر إلى ربك كيف مد الظل
والآخر
التعجب من الأمر العظيم كقوله تعالى - ألم تر إلى الذين خرجوا من
ديارهم
وهم ألوف حذر الموت –
وفي
كلا الحالين هي تحذير نحو ألم نهلك الأولين
رابعها: تقديمها على العاطف تنبيهاً على أصالتها في التصدير نحو أوكلما عاهدوا
عهداً. أفأمن أهل القرى - أثم إذا ما وقع، وسائر أخواتها يتأخر عنه كما هوقياس جميع
أجزاء الجملة المعطوفة نحو فكيف تتقون. فأين تذهبون. فأنى تؤفكون. فهل يهلك. فأي
الفريقين. فمالكم في المنافقين.
خامسها:
أنه لا يستفهم بها حتى يهجس في النفس إثبات ما يستفهم عنه، بخلاف هل فإنه لما يترجح
عنده فيه نفي ولا إثبات، حكاه أبوحيان عن بعضهم.
سادسها: أنها تدخل على الشرط نحو إفإن مت فهم الخالدون - أفإن مات أوقتل انقلبتم -
بخلاف غيرها. وتخرج عن الاستفهام الحقيقي فتأتي لمعان تذكر في النوع