زياد أبو رجائي
دلالة «هنا» إلى
المكان القريب في كلام العرب ، بينما دخول الكاف عليها يضفي عليها بعداً لكنه يبقى
في حيز القريب ، بيد ان دخول اللام بينهما ( أي بين «هنا» وبين «ك» يؤذن في
اتساع ذلك البعد
؛ وهي أبلغ في الدلالة على البعد ،وتصبح
عندها الكاف للخطاب .
ولا يعرب { هنالك } لأنه إشارة .
كما ان دخول اللام
عليها يعطيها خصيصة أخرى تتضمن الزمان والمكان لذلك فإن أهل العربية جوزوا بـ
{ هُنَالِكَ }
ان تكون ظرف يستعمل للزمان والمكان ، وأصله للمكان ،
وقيل : إنه للزمان خاصة ، وهناك للمكان ، فإن حملناها
على المكان فهو جائز ، أي في ذلك المكان الذي كان فيه ،
وإن حملناه على الزمان فهو أيضاً جائز ، يعني في ذلك الوقت .
وقيل : يجوز استعمال كل واحد منهما مكان
الآخر ، وهي ظرف ملازم للظرفية وقد تجر بمن وإلى؛ وجوز أن يراد بها الزمان مجازاً
، وقال الزجاج : إن ( هنا ) هنا مستعارة للجهة والحال أي
من تلك الحال ؛ كما تقول : من ههنا قلت كذا ، ومن هنالك
قلت كذا أي من ذلك الوجه وتلك الجهة .
أمثلة على استخدامها على المكان :
1- قال تعالى : {
فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وانقلبوا صاغرين
} [ الأعراف : 119 ] وهو إشارة إلى
المكان الذي كانوا فيه
2- قال تعالى : {
إِذَا أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ
ثُبُوراً } [ الفرقان : 13 ] أي في ذلك المكان الضيق
أمثلة على استخدامها على الزمان :
قال تعالى : {
هُنَالِكَ الولاية لِلَّهِ الحق } [ الكهف : 44 ] فهذا إشارة إلى الحال
والزمان .
مثال على جواز تاويلها بالمكان والزمان معاً :
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً
طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء
(آل عمران : 38 )
(« هنا » هو الاسم ، واللام للبعد ، والكاف حرف خطاب ، وهو منصوب على الظرف المكاني ب « دَعَا » ، وهو منصوب على الظرف المكاني ، ب « دعا » أي : في ذلك المكان الذي راى فيه ما رأى من أمر مريمَ ، وهو ظرف لا يتصرف بل يلزم النصبَ على الظرفية ب « مِنْ » وَ « إلَى » .
وحكمه حكم « ذَا » من كونه يُجَرَّد من حرف التنبيه ، ومن الكاف واللام ، نحو « هُنَا » وقد يَصْحَبه « ها » التنبيه ، نحو هاهنا ، ومع الكاف قليلاً ، نحو ها هناك ، ويمتنع الجمع بينها وبين اللام . ).