(نِعْمَ و بِئْسَ): فعلان:
-
جامدان، أي: عدم نصبهما المفعول به
-
لا يتصرّفان، أي: لا يكون لهما فعل مضارع ولا فعل أمر، ولا مشتقات).
وهما فعلان ماضيان أصالة، ومسوغ ذلك: كونهما يقبلان تاء التأنيث التي هي من خواص الفعل الماضي، إلا انهما سلبتا الدلالة على الزمان الماضي بسبب استعمالها في الإنشاء(انشاء المدح والذم).
( نعم ) سيقت لقصد المدح (بمعنى: امدح، أثني، أستحسن، أحمد)
(بئس)سيقت لقصد الذمّ(بمعنى: أذم، أهجو).
والدلالة البلاغية للفعلين انهما في مدار دلالة التضمين لمعنى التعجب.
وتسدا مسد المدح العام او الذم العام تصريحاً لا تضمينا بخلاف بعض أساليب البلاغة التي تحتاج الى قرينة او صارف والتي تلمح تلميحا للذم او المدح تفريعا من أصل المعنى العام التي تختص به مثل أسلوب النفي و أسلوب التعجب وأسلوب الاستفهام الذي يكون فيه المخصوص بالذم محذوفا نحو قوله تعالى:
-
{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمَْ) (البقرة:28)}
والسياق الكريم للآية موضوع للدلالة على استفهام للتعجب بقرينة استعمال أداة الاستفهام (كيف) فهذا هو المعنى العام والاصل في أدوات الاستفهام، بيد ان المعنى يتضمن تفريعا عنه يومئ بالذم للكفار ويستقبح فعلهم الكفر بالله مع انهم لو تاملوا كيفية خلق الانسان في بطن امه لما كفروا!!
-
{وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (الاسراء:72)}
سياق الآية الكريمة يتضمن ذماً لمن كان أعمى في الدنيا فإن مآله أعمى في الآخرة، والقرينة التي صرفته إلى ذلك الذم وصفه بالضلالة في سياق صيغة التفضيل (أضل) على وزن أفعل الذي أدخله في حيز الذم. فوصفك لانسان بانه ضال هو بحد ذاته ذماً.
أمثلة:
-
{وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (الكهف:29)}
-
بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا (البقرة:90)
-
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:اللهم إني أعوذ بك من الجوع ؛ فإنه بئس الضجيع ، وأعوذ بك من الخيانة ، فإنها بئست البطانة(1)
-
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بئس مطية الرجل زعموا(2)
-
عن عَديِّ بنِ حاتِم أنَّ رجلاً خطب عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: مَنْ يُطع اللهَ ورسولَه، فَقد رشد، ومَنْ يَعْصهِما، فَقد غَوى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " بِئْسَ الخَطِيبُ أنْت؛ قُلْ: ومَنْ يعْصِ الله ورسوله(3)
-
وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (ص:30)
-
وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (الذاريات:48)
أحكامها:
أولاً: الاسم بعدها مرفوع دائما:
-
إن كان معرفا بـ ( ألـ )، نحو:
-
قوله تعالى:{وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ}(ص:30)
-
نعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح
-
العبد: فاعل للفعل نعم
-
جملة (نعم العبد) في موضع حال او اعتراضية لا محل لها من الاعراب
-
المخصوص بالمدح محذوف ، والمقصود به سليمان
-
-
{ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (الكهف:31)}
-
{وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (الكهف:29)
-
قال رسول الله: نِعم الجهادُ الحجُ(4)
-
-
إن كان معرفا بالاضافة؛ نحو: قوله تعالى: { لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (العنكبوت:58)}
ثانيا: الاسم بعدها منصوب دائما:
-
إن كان نكرة، نحو: نِعم أميراً عمرُ.
-
نعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح
-
الفاعل ضمير مستتر يعود على عمروهو المقصود بالمدح
-
أميراً: تمييز، لانها نكرة موصوفة
-
الجملة المكونة من نعم أميرا خبر مقدما
-
عمر: مبتدأ مؤخر.
-
-
الكوفيين يزعمون أن نعم وبئس اسمان والأسماء يدخل فيها الهاء بدل تاء التأنيث والبصريون يقولون هما فعلان ماضيان والأفعال تليها تاء التأنيث ولا يلحقها الهاء فإذا ثبت ذلك فإن هذا نص في موضع الخلاف.
-
بكسر النون وسكون العين هذا هو المشهور، وروي بفتح النون وكسر العين وفتح الميم وهو الأصل في هذه اللفظة . قال الإمام الخطابي : نعمت الخصلة أو نعمت الفعلة ونحو ذلك . وإنما أظهرت التاء التي هي علامة التأنيث لإضمار السنة أو الخصلة أو الفعلة . انتهى . قال الأصمعي معناه فبالسنة أخذ ونعمت السنة وحكاه الخطابي أيضا وقال إنما ظهر تاء التأنيث لإضمار السنة.
-
قد تلحقهما تاء التأنيث، ومنه الحديث:
-
(مَن توضّأ يوم الجمعة فبِها ونعمَتْ).(5)
-
نعمت السورتان يقرأ بهما في ركعتين قبل الفجر: ( قل هو الله أحد ) و( قل يا أيها الكافرون )(6)
-
-
مذهب سيبويه أن " ما " فاعلة بئس، ولا تدخل إلا على أسماء الاجناس والنكرات.
-
اقتران فاعل نعم وبئس بـ (أل)
-
اقتران فاعلهما مضافا لمقترن بها
-
الفاعل: ضمير مميز بنكرة
-
الفاعل: مقترن بــ (ما) و (من) و(الذي)
إذا وقعت كلمة: "ما" بعد: "نعم وبئس" جاز فيها إعرابات كثيرة؛ وأشهرها ما يأتي:
1- إعرابها حين يليها اسم منفرد "مثل: الزراعة نِعْم ما الحرْفُة" -إما نكرة تامة فاعلًا، وإما نكرة تامة: تمييزًا، وفاعل "نعم"، و"بئس" في هذه الصورة ضمير مستتر يعود على هذا التمييز، وتعرب الكلمة المنفردة التي بعدها "وهي: الاسم المنفرد" خبرًا لمبتدأ محذوف، أو مبتدأ والجملة قبلها خبر عنها -كما سنعرف في إعراب المخصوص-.
2- إعرابها حين يليها جملة فعلية، "مثل: نِعْم ما يقول العقلاء. وبئس ما يقول السفهاء..."، إما نكرة ناقصة، تمييزًا، والفاعل ضمير مستتر يعود عليها. والجملة بعدها صفة لها. وإما معرفة3 ناقصة، فاعلًا، والجملة بعدها صلتها.3- إعرابها حين تنفرد فلا يليها شيء؛ "نحو: الرياضة نعما، والإسراف فيها بئسما" إمَّا أن تكون نكرة تامة فاعلًا، وإمَّا تمييزًا، والفاعل ضمير مستتر يعود عليها.
ففي كل الأحوال السابقة يجوز أن يكون الفاعل ضميرًا مستترًا يعود على "ما" لا فرق بين أن تكون نكرة تامة، وناقصة، ومعرفة تامة. كما يجوز أن تكون "ما" باعتباراتها المختلفة فاعلًا.
فإذا اعتبرناها نكرة ناقصة فالجملة بعدها صفتها، وإذا اعتبرناها معرفة ناقصة فالجملة بعدها صلتها، وإذا وقع بعدها كلمة منفردة، أو لم يقع بعدها شيء، فهي تامة، تعرب فاعلًا، أو تعرب تمييزًا والفاعل ضمير.( انظر النحو الوافي (3/375)) -
يجوز تقديم المخصوص بالمدح أو الذم على فعله ويعرب عندئذ: مبتدأ والجملة بعده خبره
-
جواز اعراب المخصوص بالمدح أو الذم
-
مبتدأ مؤخر والجملة الفعلية قبله خبره
-
مبتدأ وخبره محذوف؛ تقديره: "الممدوح" أو "المذموم"
-
خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا، تقديره: "هو"
-
بدل من الفاعل ( غير مشهور)(7)
-
-
جواز اجتماع الفاعل الظاهر والتمييز. نحو نعم الرجل رجلًا عُمر
(1)(صحيح النسائي 3 / 1112)
(2) (الصحيحة:866) : الزعم : القول في الحق والباطل وأكثر ما يقال فيما يشك فيه .المطية : المركوب .والمقصود إن الإخبار بخبر مبناه على الشك والتخمين دون الجزم واليقين قبيح ، بل ينبغي أن يكون لخبره سند وثبوت ويكون على ثقة من ذلك لا مجرد حكاية على ظن وحسبان.
(3) صحيح مسلم (870)
(4) ( 6769) صحيح الجامع
(5) (6180) صحيح الجامع
(6) "السلسلة الصحيحة" 2 / 249
(7) قال عباس حسن في النحو الوافي(3/379):{الأحسن أن يكون بدل كل من كل على جميع الاعتبارات؛ لأن المراد من البدل هو المراد من المبدل منه. ومن العجيب أن يكون هذا رأي قلة من النحاة مع وضوحه، وقوة انطباق قواعد البدل عليه، وعدم تناقضه مع قاعدة أخرى. وأما ما وجِّه إليه من عيب فقد دفعه العائبون أنفسهم، وانتهوا إلى خلوه من العيوب "كما يدل على هذا ما ورد في المطولات، ومنها حاشية الصبان في هذا الموضع، وقد نقل عن بعض المحققين جواز البدلية، وسجله في آخر باب عطف البيان" فلماذا لم يجعلوه في قوة غيره؟ بل لماذا لم يقدموه على غيره؟ ولا نريد أن نسجل هنا تلك العيوب وطرق دفعها؛ كي لا نسجل ما لا طائل وراءه. ومن شاء أن يطلع عليها فليرجع إليها في مظانها التي ذكرناها والتي لم نذكرها}