زياد أبو رجائي
هذه الفوائد البلاغية؛ كنت قد ادخرتها من مظانها، وجدت فيها ركيزة يتكأ عليها اللغوي في تذوقه لأي نص أدبي(1)، وهي بلا ريب مفاهيم لا بد لكل مهتم في جماليات اللغة أن يعيها جيدا لأنها أساس لكل بناء نص بلاغي.
وعندما نقول أن الأصل في الحرف قد وضع لفهم بلاغي معين وإن تعددت دلالاته البلاغية فان هذه الدلالات كلها تدور حول الأصل وما جاء بخلاف ذلك فهو خلاف الأصل، أو يقوم دليل صارف على أنه خارج عنه ويصرف بقرينة أو شبهة عن ذلك فيقتضي خلافه.
على أن العدول عن ذلك في اللفظ لا يكون إلا لفائدة يقتضيها السياق وايصال الفكرة بالتضمينات البلاغية .
نحو:
عندما نقول ان أصل الهمزة للاستفهام وإن اتخذت معاني أخرى فإنها ترتقي في المآل إلى الاستفهام، الأصل في الاستفهام التصدير: تامل الآيات التالية:انظر هنا
- التقرير: نحو قوله تعالى { أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ (المائدة:116) سؤال استفهامي يتضمن دلالة التقرير؛ أي: استخراج الاعتراف وهو أعلم بالجواب أنّ عيسى عليه الصلاة والسلام لم يقل ذلك ولكن أريد إعلان كذب وتقريع للنصارى، لذلك تجد فيها دلالة اخرى تتولد من دلالة التقرير من نبي الله عيسى عليه السلام وهي التوبيخ للنصارى؛ فبإقرار عيسى عليه الصلاة والسلام على رؤوس الأشهاد بالعبودية وأمرهم لهم بعبادة الله عز وجل، وأكثر المفسرين : إنما يقول له هذا يوم القيامة.
- البلاغة : توقيف المخاطب على ما يعلم ثبوته أو نفيه.
-
وذكر بعض النحويين أن التقرير هو المعنى الملازم للهمزة، في الغالب، وأن غيره من المعاني، كالتوبيخ والتحقيق، والتذكير، يتضمن مع التقرير. وهو حمل المخاطب على أن يقر فيقول: بلى . والقرينة التي تصرف معنى الهمزة إلى معنى التقرير وجود فعل مضارع مجزوم بلم، حيث أن كل فعل مضارع في القرآن مجزوم بلم ، إذا تقدمه همزة الاستفهام فإنه يُحمل على معنى التقرير. والله اعلم
- التهديد: نحو قوله تعالى { أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (المرسلات:16) سؤال استفهامي -يتساءل فيه رب العزة وهو علام الغيوب أعلم بجوابه- الهدف المنشود منه يتخذ شكلا من أشكال التهديد والوعيد، ألا تشعر بذلك التضمين في هذه الدلالة، فإنه يذكرهم بهلاك الأمم السابقة حتى يتعظوا ويتخذوا من ذلك السؤال جوابا ومن ذلك الجواب صوابا أي:أن الله انتقم من الذين كفروا بيوم البعث من الأمم سابقهم ولاحِقهم ليحذروا أن يحلّ بهم ما حلّ بأولئك الأولين؛ قال الشيخ السعدي رحمه الله: وهذه سنته السابقة واللاحقة في كل مجرم لا بد من عذابه وعقابه ، فلم لا تعتبرون بما ترون وتسمعون؟
- البلاغة: يهدد الله المشركين الذين أنكروا البعث بتذكيرهم بالامم التي أهلكت كونهم انكاروا البعث
-
أصل المعاني
- الأصل في الحروف التي تدخل على الاسماء أن يكون حقها الجر بخلاف التي تدخل على الأفعال فإن الأصل او حقها الجزم، وإذا عمل الحرف فأصله أن يعمل الجزم، لأن الجزم في الفعل نظير الجر في الاسم.
- الأصل في حرف الباء الإلصاق(1)
- أصل حروف القسم الباء(2)
- الأصل في اللام الاختصاص. وهو معنى لا يفارقها.
- أصل (إلا) أن تكون استثناء، الأصل في الاستثناء الاتصال لا الانقطاع، والأصل فى المستثنى أن يكون داخلاً تحت اسم المستثنى منه-من هنا
- الأصل فى الاستفعال طلب الفعل نحو: أجاب واستجاب
- الأصل في كلمتي إن ولكن إذا كانا مشددين ينصب ما بعدهما ، وإن لم يكونا مشددين يرفع ما بعدهما
- أصل الكلام هو الخبر الَّذِي لولاه مَا مُيّز فاعل من مفعول، ولا مضاف من مَنْعوت، ولا تَعَجُّبٌ من استفهام، ولا صَدْر من مصدَر، ولا نعتٌ من تأكيد.
- الأصل في العمل الأفعال؛ ولهذا لا تعمل الأسماء إلا بشروط -انظر هنا
- الأصل في الأمر الوجوب-انظر هنا
- الأصل في الاسم للدوام والثبوت ، والفعل للتجدد والحدوث، وعليها فإن الجملة الاسمية آكد من الجملة الفعلية
- قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} قال أبو حيان : عطف بالفعل ويقبضن على الاسم ، صافات ، ولم يعطف باسم قابضات ، لأن الأصل في الطيران هو بسط الجناح ، والقبض طارئ، فالحركة الدائمة في الطيران هي صف الجناح ، والجديد عليه هو القبض.
-
- الأصل في الكلام أن يكون ترتيب نظمه جارياً على ترتيب حصول مدلولاته ما لم يوجد ما يقتضي العدولَ عنه بقرينة وصرفه عن ذلك
- الأصل في الأسماء الموصولة (الذي: للعاقل ) و ( مَا: لغير العاقل ) من هنا
- الأصل في المصادر الميمية أنها أسماء زمان جعلت كناية عن المصدر
- الأصل في التقديم والتأخير هو الاهتمام ورعاية به ولإفادة زيادة التأكيد المطلوب
- الأصل في اللغة عدم الترادف فكل كلمة لها معنى يختلف عن الاخرى-انظر هنا
- الأصل فى الضمير أن يعود إلى أقرب مذكور انظر هنا
- الأصل في العدد التمييز بالإضافة، والأصل في العدد إضافته إلى الجمع انظر هنا
- الأصل في حيث أن تكون ظرف مكان انظر هنا
- الأصل في التمييز الإفراد لا الجمع
- الأصل في المفعول به أن يكون اسماً صريحاً
- الأصل في الإشارة أن تكون للقريب وإنما يشار إلى البعيد إذا كان صفة ونعتا لاسم الإشارة نحو { ذلك الكتاب }
- الأصل في المصادر الافراد وأنها لا تجمع
- الأصل في { ذا} أنها اسم إشارة
- الأصل في العطف أنه يشارك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم السابق
- الأصل في الخبر ان يكون النكرة
- الأصل في المبتدأ ان يكون معرفة-انظر هنا
- الأصل في كلمة (غَيْرِ) أن تكون صفة
والله تعالى أعلم
فهذا ما حضرني في هذه الفوائد، فإذا كانت صوابا - كذلك أرجو- فهو فضل من الله؛ وإن أخطأتُ فهو من نفسي.
والله تعالى أسأل أن يغفره لي وسائر ذنوبي
زياد أبو رجائي
(1) ابتدأ ذلك منذ مدة في محاضرة تذوق نص أدبي في كلية الآداب في الجامعة الاردنية واستاذها الرائع الدكتور خالد الكركي
(2) ولم يذكر لها سيبويه غيره. قال: إنما هي للإلصاق والاختلاط. ثم قال: فما اتسع من هذا، في الكلام، فهذا أصله. قيل: وهو معنى لا يفارقها.
(3) لذلك فضلت سائر حروفه بثلاثة أمور، أحدها أنها لا يجب حذف الفعل معها، بل يجوز إظهاره. نحو: أقسم بالله. والثاني أنها تدخل على المضمر. نحو: بك لأفعلن. والثالث أنها تستعمل في الطلب وغيره، بخلاف سائر حروفه. فإن الفعل معها لا يظهر، ولا تجر المضمر، ولا تستعمل في الطلب. وزاد بعضهم رابعاً، وهو أن الباء تكون جارة في القسم وغيره، بخلاف واو القسم وتائه، فإنهما لا تجران إلا في القسم.